الجاذبية بين الهرمونات والفرمونات

وتحصل مصادفة ونقابل شخص نجد أن مواصفاته مطابقة لصورة محبّبة في خيالنا. نشعر معه ونتقرّب إليه بحميمية غير مبررة. هو بالتأكيد، أرسل الينا إشارات كيميائية إيجابية، سمّاها العلماء «فرمونات». هذه الفرمونات هي مواد كيميائية يفرزها جسم الإنسان من خلال جهازه التناسلي وإبطيه وحلمتيه وجلدة رأسه واللعاب. ولكل فردٍ فروموناته الخاصة التي تحدد تكوينه العضوي. ويُمكننا القول أن الفرومون مسؤول عن جاذبية الناس في منظومة العشق. هو لاعب مهم يُطلق رسائل الإغراء التي لا رائحة لها، فيلتقطها الشريك، وتصل الى غدّة ما تحت المهاد في الدماغ وهي الغدّة التي تظبط السلوك الجنسي والتوازن الهرموني. وحيث يختلط مفعول الفرمونات مع رسائل أجهزة الشم والنظر. أدوار الفرمونات في الإثارة الجنسية هي من أسرار الطبيعة. ونعرف، أنها تحدد قابلية واحدنا للآخر من الناحية الجنسية. وبسببها، نُبعد هذا، ونقترب من ذاك. وهي التي تُفسّر الإنجذاب الغامض والفجائي نحو شخص بعينه.


واهتمّ العلماء والباحثون وتجار الجنس كثيراً بالعلاقة التي تربط الفرومونات بالإغراء الجنسي. فعملوا على تحديد وإعادة إنتاج هذا التركيب الرائع. وتمّ تصنيع عطرٍ مدعّمٍ بالفرومونات. لكنهم لم يتفقوا على مستوى أهمية النظام الفروموني عند الأنسان. الجدير بالإشارة، أن الفرمونات تتحكم بكل تفاصيل الغريزة الجنسية عند الأسماك والحيوانات والحشرات. ونلاحظ لها أدواراً في تزامن الدورة الشهرية لدى الفتيات في المدارس الداخلية، أو النساء اللواتي تتشاركن مكان العمل.

بالإضافة الى الفرمونات، يتحكّم هرمون «الاستروجين» وهرمون «التستوستيرون» في الشهوة الجنسية. كما يعتمد الدماغ في إدارته مرحلة الإنجذاب بين الجنسين، على خليط من ثلاثة وسائط كيميائية عصبية: « الفينيلإثيلامين»  و« نورأدرينالين » و« الدوبامين ». فعند انطلاق شرارة الجاذبية، ينشط الفينيلإثيلامين، وهو الوكيل الرئيسي لإطلاق النورأدرينالين والدوبامين، فنستمتع بتلك المشاعر الرائعة المرتبطة بالحب الرومانسي. « فلا هي تدري ولا أنا أدري…  وما ذاك إلا الهوى المبكر » كما قال الشاعر. وكلما زادت كمية مادة الفينيلإتيلامين يزداد دفق الدوبامين فتقوّى الإنفعالات، كما يتمّ تحفيز نظام « نورأدرينالين » الذي يُشغّل وينقل النبضات في الأعصاب، ويمرر الرسائل من المخ الى مناطق كثيرة. وبسبب أن لهذا النظام مستقبلات في الأوردة الدموية، فإننا نشهد تسارعاً في ضربات القلب، واحمرار الوجه وتعرّق الجسم. هذا ما يحصل للعاشق عند رؤية المحبوب أو الاجتماع به. ويندفع المخ إلى فرز دفقة من الدوبامين، فيشعر الانسان بالسعادة والرضى. وتُعطى الأوامر لإفراز هرمون التستوستيرون، فتُثار الرغبة الجنسية والرغبة في الإمتلاك. هكذا يحلّ الإنبهار بالحبيب، فتمحى عيوبه. ويُصبح مصدر البهجة والسعادة. ويُمسي مداراً للتفكير والإهتمام. بُعدُه مقلق، وغيابهُ يجلب التعاسة. وتكون « ساعة في قرب الحبيب…أحلى أملّ في الحياة ». فنستأنس بوجوده، ونركن الى الثرثرة والكتابة. لهذا كان الحب ولا زال، أكبر منتج للأشعار الرومانسية ولسائر الفنون عبر التاريخ الإنساني.

Rédigé 20 janvier 2018, et repris le 19 février 2018 sur le site https://www.akhbarboom.com/archives/116904