أضراس العقل غير العاقلة

تُحاط أضراس العقل بهالة من الخرافات نتناقلها بالتواتر من الأزمنة البعيدة. وتكثر الأوهام حول مشاكلها بسبب أعراض بزوغها وهي غير لطيفة ومضاعفات قلعها المتعددة والمؤلمة. لكن متى يجب قلعها؟ وهل من الضروري ذلك؟

قبل 100 مليون سنة، كان فك الإنسان أكبر مما هو عليه اليوم وتتسع مساحاته الى أضراس عديدة كان يتطلبها طحن المأكولات النيئة. بعد اكتشاف النار وتطور تقنيات طبخ الأطعمة، ضاقت المساحات الكبيرة إلى أن وصلنا الى عصر انتفت فيه الحاجة الى أضراس خلفية. وتشير دراسات، أن نسبة ما بين 15 و25 بالمائة لم تعد تجد لها مجالاً للبزوغ فتستقر داخل عظم الفك أو تزعجه عند محاولتها للبزوغ عنوة

ويحين بزوغ أضراس العقل بين السادسة عشر والخامس والعشرين من العمر. لذا أطلق عليها الأتراك تسمية « أسنان العشرين » وسمّاها الكوريون « أسنان الحب » في هذه الفترة، تخوض الأضراس الجديدة معركة اثبات وجود، فتصطدم بالعظم الذي اكتمل نموّه طولاً وعرضاً وسماكة. وهذه المساحات تقع على مفترق مناطق شديدة الحساسية، فتتولّد إلتهابات ومضاعفات تستمر عدة أيام. ينتفخ الخد أحياناً ويتعذّر البلع ويحصل التقيّح. وشاءت الطبيعة أن العصب الرئيسي المسؤول عن هذه المناطق والذي أسماه العلماء « بالعصب الدرامي » يتواصل مع أعصاب الجهاز العصبي اللا إرادي. لذا تختلط مشاعر الألم بأحاسيس القرف ونفاذ الصبر والتشاؤم

القلع حلٌ متسرع

 نستطيع حصر الحالات التي تستوجب قلع أضراس العقل إذا ما تعذّرَ عِلاجها بعد إصابتها بالنخر العميق. أو حين يكتشف الطبيب عبر الفحص العيادي وصور الأشعة أن اتجاه نموها مائل أو افقي ينذر بمضاعفات صعبة. فيُصار الى خلعها وقائياً للمحافظة على تناسق الأسنان وجمالية الفم والوجه 

ويتم قلع ضرس العقل تحت تأثير البنج الموضعي الا في حالات نادرة. ولا تتضمن تلك الجراحة البسيطة صعوبات. كما تؤمن الأدوية المتوافرة حماية كافية من الإختلاطات المزعجة…

لذا نحذر من إستنتاج متسرع واعتبار القلع حلاً . فغالباً ما يكون الحفاظ عليها ضرورياً ومفيداً  لاستعمالها كركيزة خلفية لطواقم الأسنان. ويتخذ القرار المناسب بشأنها بعد استشارة طبيب الأسنان. ومن المفيد معرفة أن ظهورها في الفم لا يتأتى دفعة واحدة بل على مدى قد يمتد الى سنوات ويصاحبه أعراض بسيطة. 

والأجدى في عمر الولوج الى عالم الراشدين، أن تدفعنا الإزعاجات التي تتأتى في المناطق الخلفية للفم الى زيارة طبيب الأسنان بهدف تشخيص مبكر وحسم القرار بشأن الحفاظ عليها.